الاكتئاب وأزمة منتصف العمر لدي النساء

الاكتئاب وأزمة منتصف العمر لدي النساء

أكدت بعض الدراسات، ما يعرفه الكثيرون بالفعل، ان النساء اللواتي تتراوح أعمارهن بين 40 و 59 سنة يعانين من الاكتئاب بنسب أعلى، وبشكل عام فإن النساء في منتصف العمر هم أكثر ضحايا الاكتئاب النفسي، وبوجه عام، فان نسب الاصابة بالاكتئاب لدى النساء يفوق الرجال في نفس الفئة العمرية بأكثر من 5 نقاط مئوية، واثبتت الدراسات انه يعاني حوالي 25٪ من النساء الأميركيات من نوبة واحدة على الأقل من نوبات الاكتئاب الخطيرة على مدار حياتهن.

قد اشارت الدراسات الى انه تٌصيب أزمة الأربعين النساء والرجال على حد سواء، لكن بمستويات متفاوتة ومختلفة، وهذه الأزمة تصيب الرجل في حدث شخصي قد عاشه من قبل، أما عن المرأة ، فقد تفكر في حدث سبق وأن شاهدته فقط أو موضوع مختلف تماما عن حياتها ولكنها تشعر بالاكتئاب بحدة نتيجة لهذه الأحداث.

أزمة منتصف العمر بين الرجال والنساء:

لابد وأن يتعرض كلا منا الى ازمة منتصف العمر، وهي المشاكل والاضطرابات النفسية، التي تحدث في هذه المرحلة الحساسة أو المرحلة الانتقالية التي تبدأ من سن الأربعين إلى الخمسين في الرجال والنساء، وفي هذه الفترة يختلف منظور المرء للأشياء والوقائع التى تحدث في حياته ولذلك يختلف تعامله تجاه الأمور في حياته.

ومن الممكن أن نقول إن الإنسان سواء كان ذكر او انثى يقوم بتكوين شخصيته من جديد في هذه المرحلة العمرية المختلفة، ومن علامات الوصول الى هذه المرحلة هي الاكتئاب الشديد والعزلة والانطوائية، ومن الممكن أن ينتقد المرء كل شيء حوله ويقوم باختلاق المشاكل بسبب عصبيته وتوتره الزائد في هذه المرحلة، ومن الممكن أن يبدأ المرء بلوم نفسه على أغلب القرارات في حياته ويعذب ذاته بذلك كثيراً.

إحصائيات مذهلة:

يمكن أن تصيب الشخص هذه الأزمة، بالأعراض التي ذكرناها سابقا، وهو في عمر 35 سنة كحد أدنى، وقد اثبتت دراسة أن متوسط عمر الرجل عند إصابته بهذه الأزمة هو 46 عام، وتستغرق هذه الازمة ما بين 3 و10 للرجال، ومن الممكن ان تصل الى 5 سنوات عند النساء، غير أن هناك بعض الفروق الفردية التي تميز هذه المرحلة لدى بعض الرجال والنساء.

لماذا تنتشر الإصابة بالاكتئاب في منتصف العمر لدى النساء؟

يتفق معظم العلماء على أن العوامل البيولوجية تلعب دورا كبيرا في بداية الاكتئاب في منتصف العمر لدى النساء، خلال فترة ما قبل الإياس، والتي تحدث قبل بداية انقطاع الطمث، حيث يمكن أن تتقلب مستويات الاستروجين بشكل كبير في جسم المرأة في هذه الفترة، وهذا يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في المزاج قد تؤدي إلى الاكتئاب، ويميل خطر الإصابة بالاكتئاب لدى النساء إلى الزيادة والوصول الى القمة أثناء انقطاع الطمث، مما يثبت وجود بعض الارتباطات بين المتغيرات البيوكيميائية في الجسم وحدوث هذا الاضطراب المزاجي عند المرأة.

لكن الاعتماد على التغيرات البيولوجية لشرح وجود معدلات عالية من الاكتئاب في منتصف العمر لدى النساء ليس صحيحا تماماً، لانه يعاني الرجال في منتصف العمر من الاكتئاب بمعدل أكبر بنسبة 25٪ من أي فئة عمرية أخرى، لذا يبدو أن ضعف منتصف العمر يتجاوز العوامل البيولوجية ذات الصلة بالجنس.

قد أقيمت العديد من الدراسات لبحث الأمر، واكتشاف أسباب الاكتئاب الاجتماعية والثقافية والسيكولوجية والعاطفية لدى النساء في متوسط العمر، وقد وجدت هذه الدراسات أن التاريخ الشخصي والعائلي يلعب دوراً كبيراً في بداية واستمرار الاكتئاب، بغض النظر عن عمر أو جنس الضحية، ومع ذلك، فإن معدل الاكتئاب السريع لدى النساء في منتصف العمر يتطلب تفسيراً واضحاً اكثر من ذلك.

فيما يلي بعض الإجابات المحتملة التي اقترحها الأطباء النفسانيون وعلماء النفس ومرضى الاكتئاب أنفسهم:

  • زيادة ظهور المشاكل الصحية الخطيرة في منتصف العمر (السرطان والسكري والتهاب المفاصل والسكتات الدماغية والنوبات القلبية وغيرها….
  • تحديات الحياة الصعبة والتقلبات (51 في المائة من المراهقين ينشأون في الأسر ذات العائل الواحد، ومعظمهم يعيشون مع أمهاتهم).
  • البطالة المفاجئة مع توقعات مشكوك فيها لإيجاد وظيفة جديدة ، فضلا عن المضاعفات المالية التي يمكن أن تتبعها.
  • الشعور بالوحدة عقب الطلاق أو الانفصال.
  • الهرم وكبر السن مع عدم وجود الرعاية اللازمة.
  • تجارب الماضي مع الاكتئاب، وغالبا ما تتعلق فترة ما بعد الولادة بهذا الأمر.

كل هذه التنبؤات لأسباب الاكتئاب تنطبق على الرجال في منتصف العمر وكذلك النساء في منتصف العمر، ولكن عندما يتم أخذ العوامل البيولوجية المذكورة سابقاً بعين الاعتبار في المعادلة، إلى جانب ارتفاع خطر الإصابة بالاجهاد بالنسبة للنساء من جميع الأعمار، فإنها تعطينا مخططًا شاملاً يمكن فهمه وإدراكه، ويمكن أن يفسر سبب كون النساء في الفئة العمرية 40-59 أكثر عرضة للاكتئاب من الآخرين.


علاج الاكتئاب - عندما تسنح الفرصة:

بالإضافة إلى الإحصائيات التي سبق ذكرها، كشف الباحثون المشاركون في الدراسة حول أسباب الاكتئاب وكيفية العلاج شيئًا ينذر بالخطر.. وهو أنه من بين ملايين الضحايا الذين يعانون من الاضطرابات، فإن 35 في المائة فقط من المصابين بالاكتئاب الخفيف والمتوسط ​​والشديد قد طلبوا على الفور مساعدة مهنية في أعقاب بداية ظهور الاعراض عليهم، وقد ساعدت نظم العلاج الحديثة بالإضافة إلى الأدوية عدد لا حصر له من الرجال والنساء على التعافي من نوبات الاكتئاب الإكلينيكي، وليس هناك شك في إمكانية تخفيض معدلات الإصابة إذا طلب المزيد من الناس العلاج والمساعدة في المراحل المبكرة من الاصابة بالاكتئاب، ويمكن للتدخل النفسي أن يكون له أثر كبير في علاج الاكتئاب.

كيف يمكننا التعامل مع مرحلة منتصف العمر بنجاح؟

من الممكن التغلب على مصاعب هذه المرحلة عن طريق التعاطف مع الشخص الذي يمر بها وتقديم له سبل الراحة والسعادة الممكنة، كما أن النساء والرجال الذين يعيشون حياة زوجية مُشبعة بالحب والاهتمام والعلاقة الدافئة المريحة، من الممكن أن يجتازون أزمة منتصف العمر بنجاح أو بأقل أضرار ممكنة، ويعبرون إلى المستقبل بعلاقات أكثر قوة وتفاهمها وأماناً.

أما عن الذين لم يجدوا اشخاصا تخفف عنهم حدة ازمة منتصف العمر، فمن الصعب أن يتخطى مصاعب هذه المرحلة دون وجود أحد من احبتهم بجواره، وإذا لم يكن هناك أحد بجواره، فمن الضروري أن يطلبوا المساعدة ويتقدمون للحديث والمناقشة مع الطبيب النفسي المتخصص لعلاج الأزمات النفسية التي تحيط بمرحلة منتصف العمر، حيث أنه يمكن للطبيب النفسي أن يساعد المريض على تخطي الازمة والعبور الى النصف الاخر من العمر بنجاح وامان.

اترك رد