الديلر أو المروّج للمخدرات هو أشهر حلقة وصل داخل دائرة التعاطي والاتجار بالمخدرات، وتكمن أهميته كونه “منه لصاحب البضاعة.. ويعرف الزباين”، ويتعامل معه الطرفين على أنه مفتاح ترويج وشراء المواد المخدرة، وتكون “الشنطة” التى يحملها على ظهره أشهر أدواته، ويتفنن فى إخفاء المواد المخدرة أو الكمية داخل سيارة أو “مكنة” موتوسيكل، وظهر أخيرًا “التوكتوك” الذي يحدث من خلاله جرائم بالجملة، أشهرها ترويج وتعاطي المخدرات.
يختار الديلر أو ديليفرى المخدرات اسمًا له مختلفًا حتى يكون ذائع الصيت، مثل “النون، حواكة، أبو سنة، الكرف.. وهكذا، والديلر صاحب مدرسة خاصة فى ترويج المخدرات، حيث يصبح صديقًا للشارع، أو المقاهي، أو الطرق والدروب الصحراوية.
بداية القصة
وتبدأ قصته من الشارع الذي يقطن فيه، ببيع “تُمناية” حشيش لزمايله فى المنطقة، ويتطور الأمر من “نحتاية” صغيرة إلى “فرش حشيش“، أو ترويج حبوب هلوسة أو ترامادول، أو “بيسة” بودرة، حتى يصل إلى المروج الأكبر للمخدرات بالمنطقة، ويكون أحد رجاله.
الشوارع والمناطق المصرية خاصة الشعبية تعج بمثل هؤلاء، ويتخفون ما بين “دواليب” المخدرات، ليروجوا بضائعهم، ويصطادون زبائن جدد بلغة الكار.
أشهر شوارع المحروسة التى يروج فيها الديلر بضاعته، هو شارع جامعة الدول العربية، كذلك شوارع الدقي، المهندسين، وأخطر أماكن ترويج المخدرات فى العاصمة “دولاب هراس” بعين شمس و”الجيارة” بمصر القديمة.. و”المدبح” و”أبو القاسم” فى السيدة زينب، والطريق الصحراوي القاهرة الإسكندرية يعد أشهر الطرق.
صاحب الدولاب:
المعلم أو الراجل الكبير يصدر بضاعته المسمومة لتجار التجزئة أو “الدواليب”، ولكل تاجر تجزئة “شمامين” أو “مروجين” بحسب لغة سوق الكيف، يقومون ببيع البضاعة أو توزيع الكمية، وتتعدد وسائل وطرق التوزيع، وتختلف طرق الترويج من منطقة لأخرى، وقد يكون هناك ديلر “شردة” أو ديلر “متخفي” أو ديلر “مسنود” بحسب روايات أصحاب المهنة.
طريقة الحساب:
فى بداية مشواره مع عالم تجارة وبيع المخدرات، يبحث الديلر عن “الفتافيت”، حتى يعرف الطريق نحو “حلاوة المكسب” بلغة سوق السموم، وقد يختار إحدى طرق الحساب، إما بأخذ “حقه ناشف” أو الحصول على “حتة حشيش” يتكيف بيها مع الشلة، أو بالاتفاق المسبق على نسبة.
شماعة البطالة:
الظروف الاقتصادية وارتفاع نسب البطالة التى تواجه قطاع عريض من الشباب، قد يكونوا عُرضة للوقوع فى فخ تعاطي المخدرات أولاً، ثم الرغبة فى التكسب بطريقة سريعة، و”الكيف” أيضًا ببلاش، ومن ثم يكون للشيطان فرصة كبيرة فى فتح الباب على مصرعيه، وإقناع الشخص الذي يريد أن يكافئ نفسه بـ”شرب الحشيش أو الاستروكس أو تعاطي الترامادول أو الخمور، أو أي نوع أخر من أنواع المخدرات التى تفتك بالإنسان بالمجان، وأن يتحصل على نسبة من ترويجه لبضاعة الراجل الكبير، وتزيد سعادته بان يكون “واحد من رجالته”، وتلعب الدراما دورًا غاية فى الخطورة بنقل صورة المتعاطي والتاجر والديلر، دون أدق التفاصيل أو تغيير الصورة وعلاج المشكلات.
ديلر الجنس الناعم:
الفتيات والسيدات اللاتي وقعن في براثن الادمان على المخدرات، غالبًا ما يقع بعضهن فى استكمال المشوار المرير بالاتجار غير المباشر من خلال “عزومة” لأحد أصدقائهن، أو جيرانهن، بتعاطي سيجارة حشيش أو ربع تامول أو إهداء شريط ترامادول من باب التجربة وشغف الهروب من الواقع أو قد يكون من باب الترفيه، وقد يتطور الأمر من مجرد التعاطي والعزومات إلى الشعور بالمتعة من خلال العمل كـ”ديلر” أو مروج للمخدرات حتى فى الأوساط الضيقة، مثل الأندية، العمل، الكافيهات.
حجم تجارة المخدرات فى مصر:
كشفت آخر التقارير أن حجم تجارة المخدرات فى مصر وصل إلى 400 مليار جنيه فى العام الواحد، بينما شككت لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب المصري أن هذا الرقم مبالغ فيه، وأن الجهات المنوطة بمكافحة المخدرات تبذل كافة جهودها لانحسار الترويج والتهريب فى المخدرات.
من جانبه كشف عمرو عثمان، مدير صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي أن نسبة تعاطي المخدرات بين المصريين قد بلغت أكثر من 10%، وأشار أن هذه النسبة تمثل ضعف المعدلات العالمية، وأكد مدير مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي أن نسبة التعاطي بين الذكور 72%، بينما الإناث 27%، وطبقًا للمسح الشامل فإن أكثر أنواع المخدرات انتشارًا هو الترامادول، ثم الهيروين، ويليهما الحشيش.
الاستروكس وليريكا:
ويعد مخدر الاستروكس ومنافس الحشيش الجديد هو الخطر الداهم الجديد الذى يهدد الشباب المصري، حيث يتجه البرلمان المصري لتغليظ عقوبة مروجي مخدر “الاستروكس” إلى حد الإعدام؛ فى محاولة لمحاصرة انتشار ذلك النوع الذي شهد رواجًا هائلًا خلال الفترة الأخيرة، وقضى بسببه عدد كبير من الشباب، وقال محمد العماري، رئيس لجنة الصحة في مجلس النواب، إن تلك الأنواع من المخدرات مجرمة مثل باقي الأنواع، ومخدر الاستروكس يستخدم فى العمليات الجراحية، ولكن تجار المخدرات يلجأون لصناعة خلطات وأصناف جديدة، وهو ما أدى إلى ظهور مخدر يدعى “الفلاكا، ويلعب مروجي المخدرات دورًا كبيرًا فى انتشار هذه الأنواع الجديدة من المخدرات بين أوساط الشباب عن طريق “الديلر”، وهناك أنواع مخدرات أخرى، يتم ترويجها تحت مسميات الفودو، الشبو، الكريستال ميث، السبايس.
جدير بالذكر أن حبوب ليريكا التى انتشرت مؤخرًا بسوق الكيف، تعد بديلًا للترامادول، لرخص ثمنها وتوفرها بالصيدليات تحت مسميات أخرى، سهل من ارتفاع نسب التعاطي والإدمان بين المتعاطين.
نهاية الديلر:
قد لا يستمر الديلر طويلاً فى طريق الشيطان الذي اختاره ليكون بديل للعمل الشريف، ويقضي على مستقبله مبكرًا، فإذا لم يستفيق من غيبوبته بالتمادي فى تعاطي وبيع المخدرات، فإن مصيره سيكون السجن أو قد يتطور الأمر لإنهاء حياته بسبب خلاف على “بيعة” أو “كمية”، وقد تُنهي حياته جرعة زائدة من مخدر أو مادة سامة مما يروجها لغيره، لتكون نهايته بيده.
العقوبة القانونية:
سوق الكيف فى مصر به 147 صنفًا من المواد المخدرة مدرجة بجدول المخدرات المعتمد من قبل وزارة الصحة المصرية، والعدد قابل للزيادة، ويعتبر تداولها أو تعاطيها بمقابل أو دون مقابل، أو إهداؤها أو تهيئة مكان لتعاطيها داخل البلاد أو خارجها، عملاً مُجرّمًا.
ومن هنا يتربص القانون لمروجي ومتعاطي المخدرات دون هوادة، والمادة (33) من قانون العقوبات، تنص على أن تصل عقوبة الاتجار فى المواد المخدرة إلى الإعدام وغرامة مالية لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تزيد عن 500 ألف جنيه، وذلك فى حالة استيراد أو تصدير المواد المخدرة، أو إنتاجها وزراعتها.
ويشير قانونيين أن ما هو خارج الجدول لا يعد سمومًا أو مخدرات، ويدخل فى دائرة عقابية أخرى تسمى أدوات إزهاق الروح أو المواد الخطرة على حياة الناس، ويسمح القانون بتداولها فى إطار تجاري، مثل “الكلور أو البنزين”، ويصبح استخدامها مُجرّمًا إذا استخدمت لغير أهدافها.
0 Comments