عندما يتعافى المدمن ويخرج من مركز إعادة التأهيل من المخدرات، تواجهه الكثير من محفزات الانتكاس المعروفة مثل الأصدقاء القدامى الذين يتعاطون المخدرات، والإجهاد، والغضب، والملل، وسوء التغذية واضطرابات النوم، وقد لا يستطيع المدمن التغلب على هذه المحفزات، ويقع في فخ الإدمان من جديد.
بالاضافة الى ما سبق، يتفق العديد من المتخصصين في مجال الإدمان على أن الديناميات الأسرية يمكن أن تعزز من انتكاس المدمن وعودته الى المخدرات، أي أن هناك بعض الأشياء الخاطئة التي تفعلها الاسرة دون وعي تجاه المدمن المتعافي مما يزيد من خطر الانتكاس، وهذا هو موضوعنا اليوم، الذي نناقشة بغرض نشر الوعي بين الأهالي لتجنب خطر الانتكاس.
لماذا يعود المتعافي لتعاطي المخدرات ينتكس؟
يعود ذلك لبعض الأفكار الخاطئة داخل اسرة المتعافي في التعامل معه مثل:
توقعات في غير محلها:
حيث تتوقع العائلة أن تحل المشكلة بشكل جزرى وأن يعود الشخص المتعافي إلى الحياة كما كان او كالمعتاد، ولكن بالنسبة للمدمن الذي يتعافى، فإنه يواجه الكثير من الضغط والصعوبات في سبيل العودة إلى ما كان عليه، وهذه الضغوطات يمكن أن تثير مشاعر سلبية لدى المدمن، وتجعله يفكر في العودة الى المخدرات.
التحدث بلغات مختلفة:
حيث تحتاج العائلة او الاسرة إدراك التغيرات التي مر بها الفرد المدمن في رحلة العلاج من الإدمان، ومن الممكن أن يسلك المدمن المتعافي سلوك مختلف ويتحدث عن أشياء لا يعرفها أفراد الأسرة ولا يجد من يفهمه، فيشعر بالوحدة والقلق، ولذلك جاءت أهمية حضور افراد عائلة المدمن لدورات التأهيل لتقديم الرعاية والمساعدة المطلوبة للمدمن المتعافي من الإدمان.
أدوار الأسرة المألوفة:
عند اصابة احد افراد الاسرة بأي مرض، يمرض كل فرد من أفراد الأسرة بطريقة غير واعية عن طريق تغيير الادوار في الاسرة والتوتر البيئي الذي يعيشه كافة افراد الاسرة بالاضافة الى الجهد الذي تبذله الاسرة في محاولة لإيجاد الحياة الطبيعية في بيئة متخلفة، بسبب مرض احد افراد الاسرة، في العادة يحاول الجميع تقديم المساعدة للمريض، ولكن من الممكن أن تكون هذه المساعدة للمدمن هي السبب في انتكاسة، وذلك يحدث عندما تحاول الأسرة حماية المدنيين أو إنقاذهم من مواجهة نتائج إدمانهم، وذلك يجعلهم غير قادرين على تحمل المسؤولية وغير متفهمين لسلبيات الادمان واضراره.
سوء الفهم لجوانب الإدمان:
قد لا يفهم أفراد الأسرة مرض الإدمان والجهد الذي يتطلبه البقاء دون تعاطي المخدرات، ومن هنا لا يكون لديهم علم بحاجات المدمن المتعافي، ولا يكون لديهم أي معلومات عن المخدرات و عالم الادمان.
كيف تكون الأسرة جزءا من العلاج؟
على الرغم من أن العائلات قد تتورط في الخلل الوظيفي للمدمن المتعافي وتجعله يلجأ الى المخدرات مرة اخرى، إلا أنها تلعب أيضًا دورًا رئيسيًا في جعل المدمن يقبل على إكمال رحلة العلاج والتعافي، ومن الممكن ايضا ان تعمل كنظام داعم للمدمن المتعافي لتحمية من الانتكاس والعودة الى عالم المخدرات، وفي ما يلي بعض الأشياء التي يمكن للعائلات القيام بها لتكون جزءًا من الحل:
- يجب أن تكون العائلة هي الملجأ للفرد المدمن بعد التعافي، يذهب إليه إذا أراد التعبير عن أفراحه وأحزانه، ويتحدث بصراحة عن التغييرات التي تحدث له، ويعبر عن مشاعره وما يدور بخاطره ايضا.
- تجنب تعاطي الكحول أو المخدرات الأخرى في وجود الشخص المتعافي وتجنب جعله في مواجهة مع الأدوية الإدمانية او المسكنة المتواجدة في صيدلية المنزل مثلا.
- على أفراد الأسرة وخاصة الأب والأم التوجه لحضور الندوات واللقاءات التي تعدها مستشفى الامل لعلاج الادمان، للتعرف على الإدمان والحصول على الدعم المناسب للتعامل مع المدمن المتعافي.
- شجع المدمن المتعافي على العادات الصحية السليمة في النوم وتناول الطعام مثل النظام الغذائي السليم، وممارسة الرياضة وأنماط النوم الصحيحة وما الى ذلك من العادات السليمة.
- كن صبورا في معاملة المدمن المتعافي، حيث انه تستغرق عملية إعادة بناء الثقة وإنشاء ديناميكيات عائلية جديدة للتعامل مع المدمن المتعافي بعض الوقت.
- أظهر التقدير والاحترام للمدمن المتعافي واجعله يشعر بالثقة في ذاته.
- تعرّف على الامور التي تراود الفرد المتعافي وتجعله يفكر في الانتكاس، وتنبه إلى علامات الإنذار المبكر واستجيب للانتكاس السريع عن طريق توجيه الشخص مرة أخرى للعلاج.
- عندما تنتهي من بذل كل ما بوسعك لدعم شخص عزيز عليك في حالة الشفاء، اسمح لنفسك بالعودة إلى الأشياء التي تستمتع بها، وخصص وقتا لذاتك لتجنب الإصابة بأمراض الإجهاد النفسي والاضطرابات النفسية.
في نهاية المطاف، من الممكن أن تكون الأسرة هى المحفز الرئيسي للمدمن المتعافي على البقاء بعيداً عن المخدرات، ومن ناحية اخرى، من الممكن ان تكون هى السبب الرئيسي في عودة الفرد إلى عالم الإدمان وتعاطى المخدرات، لذلك فكر جيداً في الأمر، اقرأ كثيراً حول هذا الموضوع، كى يكون لك دوراً فعالاً وايجابياً، حتى يفوز الجميع.
0 Comments