قد تنتابنا الدهشة جراء قراءة هذا العنوان، ولكن يجب ان ندرك ان هذا الداء موجود بشكل كبير، خاصة في دول اوروبا والولايات المتحدة الامريكية، ولعل الشكل الأكثر شيوعا من إيذاء النفس هو قطع الجلد، في حين يشمل إيذاء النفس أيضا مجموعة واسعة من السلوكيات السلبية التي يقوم بها الفرد لإلحاق الاذى بنفسه، ومنها الحرق والخدش وضرب أجزاء الجسم، ومن الممكن أن يكون الإيذاء سمعي عندما يحدث الفرد ضجيجا غير محتمل، وقد يصل ايذاء الذات الذي ابتلاع مواد سامه أو مميته وهذا ما يسمى بالانتحار.
في إطار ما سبق، نناقش معنى ايذاء النفس وعلاقتها بتعاطي المخدرات وكيفية علاج هذا الداء من خلال المقالة…
مفهوم إيذاء النفس:
إيذاء النفس كما ذكرنا، هو مرض نفسي، حيث يقوم الانسان بإيذاء ذاته عن طريق خدش أو قطع الجلد او احداث ضجيج بشع او غير محتمل، او ابتلاع مواد سامة للانتحار، وما الى ذلك من وسائل ايذاء النفس المباشرة وغير المباشرة.
وبالفعل قد تم تسجيل هذا المرض النفسي في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات العقلية ضمن اضطرابات الشخصية.
إيذاء النفس وتعاطي المخدرات:
و قد يعتبر أيضا تعاطي المواد المخدرة إيذاءً للنفس، لما يحمله هذا السلوك من اثار خطيرة على الفرد، ومن ناحية اخرى، يعمل سلوك ايذاء الذات على تحقيق الشعور بالنشوة والسيطرة تماما كما تفعل المخدرات في الدماغ.
بالاضافة الى ما سبق، يتميز سلوك ايذاء الذات بنفس السمات القهرية التي تميز تعاطي المخدرات
دوافع إيذاء النفس:
لعل الدوافع لإيذاء النفس تختلف ايضا من فرد لاخر، وعلى وجه العموم، يمكن أن يستخدم المصابون بهذا الداء هذا السلوك لتحقيق عدداً من الاغراض منها، أنه يوفر لهم راحة مؤقتة من المشاعر الشديدة التي تنتابهم وتؤثر على أدائهم وتفكيرهم، مثل القلق والاكتئاب أو الغدر العاطفي والشعور بالفشل أو كراهية النفس، ومن الممكن ايضا ان يكون دافع إيذاء النفس لدى البعض هو الاعتداء الجنسي او إدمان المخدرات أو الصفات الشخصية غير الطبيعية مثل انخفاض تقدير الذات لدى البعض.
إدمان إيذاء الذات:
لقد عرف بعض خبراء علم النفس إيذاء الذات على أنه إدمان، ويمكن علاجه كما تعالج شتى الامراض النفسية والجسدية الاخرى، لذلك نحن بحاجة الى فهم هذا المرض النفسي من جميع جوانبه، حتى نستطيع أن نتدارك الموقف، ونتعامل بشكل صحيح مع المصابين.
لماذا يؤذي الناس ذاتهم؟
من الممكن ان نقول ان أصل الإيذاء الذاتي هو ألم عاطفي عميق، حيث أن بعض الناس يفعلون ذلك للتعامل مع الضغوط التي يواجهونها في الحياة الاسرية والاجتماعية والعملية ايضا، وقد ربط البعض بين هذا السلوك وادمان المخدرات، حيث أن إيذاء الذات من الممكن ان يعمل عمل المخدرات في الدماغ.
في بعض الأحيان، عندما يشعر الإنسان أن الحياة لا تطاق، يلجأ الى اصابة ذاته، وايذائها، ويعتقد أن ذلك يعطيه شعوراً بالسيطرة، ويكون ذلك ايضا وسيلة للتخفيف من التوتر.
يذكر أن هناك الكثير من سوء الفهم حول هذا السلوك، حيث يعتقد بعض الناس أن الأمر يتعلق بالانتحار والتخلص من الحياة، ولكنه في الحقيقة عبارة عن صرخة طلباً للمساعدة، حيث ان من يفعل ذلك يريد أن يتحسن شعوره، ويريد أن يتوقف عن ذلك، ولكنه لا يستطيع ذلك.
ملحوظة: إن الأذى الذاتي في حد ذاته ليس مرضًا عقليًا، على الرغم من ارتباطه بأمراض عديدة، مثل اضطراب الشخصية الحاد والاكتئاب والقلق واضطرابات الأكل واضطراب ما بعد الصدمة، ويرتبط أيضًا بتاريخ الطفولة والعنف الأسري وإدمان الكحول في العائلة والاعتداء الجنسي أو الجسدي.
العلاجات المتاحة للإيذاء الذاتي:
يتطلب القضاء على سلوك إيذاء الذات وقتًا وعملًا طويلاً، لأن ذلك السلوك من أصعب السلوكيات النفسية التي يمكن علاجها، ويرجع ذلك جزئياً إلى حالة الاكتئاب الحاد التي يعيش فيها المصاب بهذا المرض.
وقد تبين أن العلاج النفسي والعلاج السلوكي المعرفي (CBT) يساعد على تعلم تغيير أنماط التفكير السلبية وتطوير مهارات الأفراد في التعامل مع المواقف التي تسبب الأذى الذاتي.
هناك علاج آخر فعال هو العلاج السلوكي الجدلي (DBT)، الذي يبني على العلاج المعرفي السلوكي من خلال شغل المصابين بتعلم مجموعة متنوعة من المهارات مثل العاب الذهن ومهارات تطوير العلاقات والتنظيم العاطفي والتسامح.
هل هناك أدوية لعلاج هذا السلوك؟
لا توجد أدوية معتمدة حاليًا من قبل إدارة الأغذية والأدوية لعلاج سلوك الايذاء الذاتي، إلا أن دواء النالتريكسون الذي يستخدم عادة لمنع تأثيرات الهيروين وغيره من الأدوية الأفيونية قد أظهر أنه يمكن أن يساعد على الحد أو التوقف عن هذا السلوك، ولكن احذر من استخدام هذا العقار لفترات طويلة ودون استشارة طبيب.
ولعل مواجهة الوصمة المرتبطة بهذا السلوك تمثل تحديًا آخر، ويجب أن نتخطى هذا التحدى لكى يتم علاج المصابين بهذا السلوك بشكل سليم.
