إعادة التأهيل

إعادة التأهيل

معنى إعادة التأهيل هو مصطلح يطلق على عمليات العلاج النفسى والسلوكى باستخدام أساليب مختلفة، مثل إعادة التأهيل النفسي عن طريق برامج العلاج المختلفة، مثل استخدام برامج الدعم الذاتي، وبرامج العلاج المعرفي السلوكي داخل المجتمع العلاجي، وهو بيئة إجتماعية ذات معالم محددة، يعيش فيها الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات نفسية، أو اضطرابات ناتجة عن تعاطي المواد المخدرة (Psychoactive drug)، وذلك طلبًا لإعادة تأهيلهم، ودمجهم في الحياة الإجتماعية.
والغالب أن تكون هذه المجتمعات تحت إدارة فريق من  المتخصصين، وفي بعض الأحيان يشاركهم فى إدارة هذه المجتمعات أشخاص سبق لهم أن مروا بخبرة الاعتماد على المواد النفسية، ثم تخلصوا منها.

 

المجتمع العلاجي:

المجتمع العلاجى هو مجموعة من الناس تحكمهم ثقافة مشتركة، يتواجدون عادة فى مكان مشترك، و يتوجهون إلى هدف عام (جنبًا إلى جنب مع الأهداف الفردية المتنوعة)، يتكلمون لغة متبادلة متفق عليها، يتعاونون ككل فى مسيرتهم، ويكون تعاونهم أكثر من مستوى (سلوكى، اقتصادي، ذهنى، وجدانى) سعيًا للتكامل.  
أن المجتمع  العلاجى هو من الوسائل العلاجية قوية التأثير فى إعادة التأهيل و علاج الادمان، لأنه يعتمد على التغيير فى نمط الحياة، و كينونة الفرد، ويعتبر وسيلة العلاج المثلى لعلاج مرضى الإدمان، واضطراب الشخصية.

 

العلاج الجمعي:

أن من أكثر الأساليب والبرامج الفاعلة لإعادة التأهيل داخل المجتمعات العلاجية هو العلاج الجمعي.

تاريخ العلاج الجمعي:

بداية العلاج الجمعي كانت رسميًا من خلال ما قام به جي اتش برات J H Brat سنة 1905 م.
كان برات متخصص فى تقديم دروس رعاية لمرضى السل، و خلال تواصله معهم لاحظ الارتباط الانفعالى، والعواطف المختلفة تجاهه بشكل شخصى، وكذلك علاقة المجموعة التى تقدم لها الدروس الإرشادية، حيث تشكلت علاقة فريدة بين أفراد المجموعة، ومع المرشد لهم.

وفيما يتعلق بعلم النفس كانت البدايات فى عام 1925، حيث قام عالم النفس تريجنت Trigant بتجربة من خلال ملاحظته أن نسبة دالة من المستفيدين أصبحوا غير راضين عن جلسات التحليل النفسي الفردية، فقرر تجربة تقنيات المجموعة العلاجية، وكانت فكرته تعتمد على فكرة خفض السلطة الأبوية للطبيب المعالج خلال الجلسات الفردية، واستبداله بتقنيات المجموعة العلاجية، كان رائدًا فى تطبيق أساليب العلاج الجماعي للسجناء، وبالنسبة للمرضى بمستشفيات الأمراض العقلية، قام بول شيلدر ولويس ويندر في 1935 م بإدارة العديد من المجموعات العلاجية، ووجد أن هذا النوع من العلاج مفيد وخاصة للأطفال والمراهقين. 
قد أدى تطور العلاج الجماعى زخمًا خلال الحرب العالمية الثانية، وذلك نتيجة لوجود عدد كبير من الجنود يحتاجون إلى علاج جمعى.

 

أنواع المجموعات العلاجية:

المجموعات العلاجية التعليمية:

هى تلك المجموعات التى تكون محددة بوقت، وليست مفتوحة، مثل النوع السابق، هدف هذه المجموعات تعلم مهارات منع حدوث المشكلات، والتنبؤ بها، كذلك تعلم تفاصيل عن المشكلات، والاستبصار بالمرض، الأعراض، التعلم وتنمية المهارات، مثال عن هذه المجموعة، التوعية بأعراض الفصام، أو الاضطرابات ثنائية القطب، وكذلك اضطرابات إساءة استخدام المواد المذهبة للعقل.

مجموعات الدعم والمساعدة الذاتية:

من أشهر هذه المجموعات الإرشادية، مجموعات زمالة مدمني الكحول المجهولين AA، ومجموعات الدعم والإرشاد لمدمني المخدرات المجهولين NA، ومجموعات الدعم والإرشاد لمرضى التشخيص المزدوج (Dual Diagnosis)، ويتم تقديم الدعم والمساعدة بين أفراد المجموعة العلاجية، كما يحافظ الجميع على إتاحة الفرصة لكل أفراد المجموعة العلاجية للتعبير عن خبرات الدعم والمساعدة الذاتية، ويتم تطوير هذه المجموعات العلاجية بشكل دوري.
يمكن القول أن العلاج الجمعي، والعمليات الجمعية أصبحت من ركائز العمل المهنى فى مجال علاج اضطرابات الصحة العقلية، وتشكلت جمعيات ومؤسسات بالخصوص، وكذلك أصبح أخصائي الصحة العقلية يخضعون لتدريب مستمر لتكوين وتأهيل ورفع كفاءة المختصين فى المجال.

 

التنشيط السلوكى:

أيضًا من أهم الأدوات المستخدمة فى إعادة التأهيل، وخاصة لمرضى التشخيص المزدوج، والأمراض النفسية، هو برامج التنشيط السلوكى.
كثيرًا ما نسمع هذه العبارة، وخاصة من المتعاملين فى قضايا التأهيل النفسي السلوكي، وهو أسلوب وطريقة أثبت نجاحها بشكل كبير فى التعامل مع كثير من الأمراض النفسية، ومنها مرض الادمان.

ما معنى التنشيط السلوكى؟

يعاني المريض، وخاصة الأمراض النفسية، مثل الفصام، والذهان من مشكلات ما قبل معرفية، أى أن العمليات العقلية المعرفية متمثلة فى الإدراك، التفكير، والذاكرة عادة ما تمر بخلل كلى أو جزئى، فتكون علاقة المريض بالواقع وبنفسه غير منطقية، وأفكاره غير مترابطة، ومفككة، وتفسيره للمثيرات البيئية والاجتماعية موغلة فى الشخصانية، والكثير من الأطباء، والمعالجين الاكلينيكيين يركزون على المظاهر السطحية للمرض، ويعتقدون أن مناقشة محتوى الفكر للمريض يمكن أن يساعده فى التغلب الجزئى على مشكلاته اليومية، وهذا غالبًا ما يجعل المريض ينفر من العلاج، ويبذل قصار جهده للهروب من المواجهة التى لا يمتلك الأدوات اللازمة لكى يقوم بها، ومن ثم عادة ما يتم وضع برنامج للتنشيط السلوكى للمريض مصاحبًا للجرعة الدوائية فى الأسابيع الأولى للعلاج.

والتنشيط السلوكي يتمثل في وضع قائمة مهام يومية روتينية للمريض يتم متابعتها كل يوم، مثل الاستيقاظ صباحًا فى مواعيد محددة، وتغيير الملابس، وترتيب السرير، وتنظيف الغرفة، وتغيير ملابس النوم، والجلوس بشكل مناسب لتناول طعام الإفطار، والاهتمام بالنظافة الشخصية، وتختلف هذه المهام باختلاف حالة المريض العقلي، فالبعض يحتاج إلى مساعدة مباشرة فى التدرب على هذه المهام، وأحيانًا يقوم الطاقم المساعد بتوجيه من المشرف العلاجي الاكلينيكى، أو الطبيب بتنفيذ هذه المهام، وتكون مصحوبة باتجاه إيجابي نحوه، وحب، ومودة، وتعاطف، وصبر، بينما البعض الآخر من المرضى يمكن توجيهه للقيام بهذه المهام.

هذه المهام السلوكية الروتينية غير المعقدة لا تحتاج إلى مجهود فكري عميق ومركز، ومع التكرار، والمتابعة اليومية، وخلال فترة 3 أسابيع ستلاحظ تغير دال فى حالة المريض، وتكون هذه الخطوة مصحوبة بمقابلة الدافعية لمساعدة المريض للاستبصار بمشكلاته المرضية.

 

اترك رد