علاج الإدمان على المخدرات والعار المجتمعي

علاج الإدمان على المخدرات والعار المجتمعي

عندما يكون أحد أفراد الاسرة في قبضة الإدمان، كثيرا ما يجد العائلة والأصدقاء أنفسهم عالقين في دائرة من الخوف والذعر والغضب واليأس، ومع ذلك، فهم يسعون بشكل دائم غير منقطع الى حث المدمن على التقدم للعلاج ودفعه لدخول مؤسسة العلاج من الإدمان، ولكن هناك عدد من العوائق  التي تقف أمامهم، ومن هذه العوائق والحواجز، حاجز العار والخزي الذي تشعر به العائلة عندما يقع أحد أفرادها في فخ الإدمان.

وأشارت دراسات إلى أن الناس تخاف من الفضيحة والعيب وسط المجتمع ومن القانون الذي يعاقب المدمنين، ولذلك تجد الكثيرون يخفون ادمانهم ويتطور بهم الحال حتى يصبح من الصعب جدا تقديم المساعدة أو العلاج لهم، في حين أن هناك قانون صدر في عام 2017 أعطى المدمن حرية التقدم للعلاج وطلب المساعدة للتعافي من الإدمان دون أي ملاحقة قانونية.

ما يعتبر أولوية قصوى عمل بها المشرّع القانوني لحماية الأبناء من خطر الإدمان، ومن المنتظر أن تزيل مثل هذه القوانين مع الوقت وصمة العار الاجتماعية على مدمن المواد المخدرة، حتى يفهم الناس أن الإدمان هو مرض عضوي يصيب الدماغ، وله مضاعفات أعراض مثل اى مرض عضوى او نفسي آخر، ويجب علاجه ولا يجب ابدا ان نلحق بالمدمن وصمة العار حتى لا ينجرف الى الهاوية.

العار والإدمان: علاقة قاتلة:

على الرغم من أن الكثير من  الأبحاث برهنت على أن الإدمان مرض عقلي يصيب الدماغ ويؤثر على الجسم كله، وليس عيبًا في الشخصية، بل إنه مرض مثل اي مرض آخر ويمكن علاجه، فإن الوصمة المحيطة به لا تزال سائدة في المجتمع. 

تشير الدراسات إلى أنه كلما زاد شعور المدمن بالعار جراء تعاطيه للمخدر، زاد احتمال انتكاسة، وكذلك  تشير الأبحاث أن هناك علاقة متبادلة بين المرور بالتجارب القاسية والشعور بالخزي والعار  في بداية الحياة واضطرابات استخدام المواد المخدرة، وبالتالي فإن هناك علاقة وطيدة بين الشعور بالخزي والعار في المجتمع والمرور بالتجارب القاسية والإدمان على المواد المخدرة، فما هو الحل؟

وتؤكد الدراسات ايضا ان وصمة العار التي تحيط بالمدمن، تجعله يحتار بأمره، ويعجز عن التفكير الإيجابي بأي شيء، ومن الممكن ايضا ان تجعلهم يخفوا إدمانهم ويتركوا أنفسهم عالقين لفترات طويلة، وينتهي بهم الحال في قبضة الشرطة وسط فضيحة ووصمة عار كبيرة في أسرهم ومجتمعهم، فأين الحل؟.

الإدمان مرض، وليس وصمة عار:

يجب ان نتعرف اولا على معنى الإدمان، لندرك ماهيته وأسبابه وأعراضه.

ما هو الإدمان؟

الإدمان، كما عرفه علماء الطب النفسي والإدمان، هو سلوك نفسي، يشير الى الإفراط في استخدام المادة أو استخدام أي شيء، فالإدمان ليس هو إدمان المخدرات فقط، بل أن الادمان له وجوه عديدة، منها الإدمان على ألعاب الكمبيوتر والإدمان على التدخين والإدمان على التلفاز و الإدمان على القمار والإدمان على الجنس والإدمان على المخدرات وهناك أيضا إدمان الإنترنت… إلخ.

بالاضافة إلى ذلك، فإن الإدمان له مخاطر عديدة ومتنوعة على الجسم والعقل والصحة العامة للفرد، وله أيضا طرق مختلفة.
يؤكد العلماء ايضا ان الادمان مرض مزمن يتفاقم حتى يصل بالفرد الى الهاوية، ويسيطر على عقل الإنسان وجسده ويصبح هو السيد في حياته، حيث يصبح الإدمان سلوكًا قهريًا يتعرض فيها جسم المتعاطي لعملية بيولوجية تحدث نتيجة إفرازات معينة في الدماغ، ويتميز السلوك الإدماني بأنه سلوك قهري خارج عن السيطرة، وينتج عنه عدد من الآثار النفسية والجسمانية والعقلانية والاجتماعية الخطيرة.

وبعد التعرف على ماهية الإدمان، يجب أن يتم ترسيخ هذا المفهوم في عقول وأذهان الجميع، حتى يعلم الجميع أن الإدمان مرض وليس فعل إجرامي يتطلب وصمة العار والخزي، في حين أكد الخبراء أن وصمة العار الاجتماعية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالعادات والتقاليد وثقافة المجتمع، والتي قد تتسبب في وقوع حرج وخزي اجتماعي حول المدمن، ولكن هذا المفهوم يعتبر احد المفاهيم الخاطئة التي تدمر المجتمع، وتجعل عدد المدمنين يزداد يوما بعد يوم، ولكن الحقيقة أن الإدمان عبارة عن مرض نفسي حاله كحال الأمراض العضوية التي تصيب الإنسان، ولكن نظراً لقلة الوعي والثقافة وقلة برامج التوعية بخصوص الإدمان، أصبح المدمن منبوذ من قبل المجتمع وبعيدا عن الرعاية المجتمعية.

علاج الإدمان على المخدرات والشعور بالذنب:

هناك الكثير من الأبحاث التي تدعم الشعور بالذنب لدى المدمن، باعتباره حافز من حوافز طلب المساعدة والمثول لبرامج العلاج من الإدمان، ومن الأمثلة على ذلك دراسة نُشرت في مجلة العلوم النفسية، والتي تشير إلى أن  الشعور بالذنب يعد حافزاً فعالاً  لتغيير السلوك،  ووجد الدارسون أن السجناء الذين أعربوا عن شعورهم بالذنب بسبب أفعالهم أثناء حبسهم هم أقل عرضة لارتكاب جرائم في المستقبل بعد الإفراج عنهم.

لماذا ترتبط وصمة العار بالإدمان على المخدرات؟

تعد وصمةُ العارِ المرتبطةِ بالإدمان مرتبطة بشكلٍ مباشر بالمفهوم الذي يُشير إلى أنّ مدمنين المخدّرات هم ضُعفاءُ وعديمى الارادة  وعديمو الأخلاق ايضا، أو أنّهم لا يحترمون المجتمع ويسعون إلى قضاء وقتٍ مُمتع دون الحفاظ على القواعد والقوانين المجتمعية والدينية والاخلاقية، وذلك على حساب المجتمع باكمله، ولكن يُمكن ان يتنازل المجتمع او الافراد المحيطين بالمدمن عن هذا العار عندما يدركون أنّ الإدمان يُسبِّب تلفَ الدّماغ ويسيطر على المدمن من شتى نواحي حياته بطرقٍ عديدة.

من ناحية اخرى، لا شك أن عيوب المدمن الشخصية الناتجة عن سلوكه الإدماني عيوب كثيرة، فمثلا نجد أن الفرد الذي يدخن السجائر يمكن أن يتميز بالأنانية والعناد والغضب المتكرر دون اى مبرر بسبب العصبية الزائدة ونجده ايضا مندفع ولا يستطيع أن يتخذ القرار الصحيح بسبب غضبه السريع وعصبيته ايضا،  وله صفات أخرى سيئة، وهذا ما يجعل المجتمع ينبذه ويحكم عليه بالعار والخزى.

لكن هناك بالطبع وسائل متعددة للتخلص من هذه الصفات السيئة، وذلك بمساعدة المدمن على فهم سلوكياته السلبية هذه،  وتقديم المساعدة النفسية له حتى  يبذل قصارى جهده للتخلص منها فإن استطاع التخلص منها بمساعدة الفريق العلاجي في مستشفى الامل لعلاج الادمان، فتكون  فرصة تعافيه وشفائه من الإدمان كبيرة جدا، إذا فقد المدمن سيطرته على ذاته وصفاته، فتكون فرصة نجاح العلاج ضئيلة، او أنه من الممكن ان تزداد مدة العلاج داخل مستشفى الامل.

اترك رد