التسامح والتعاطف الذاتي ودوره في علاج الإدمان

التسامح والتعاطف الذاتي ودوره في علاج الإدمان

لا يختلف مفهوم التعاطف مع الذات (أو التعاطف الذاتي) عن التعاطف مع الآخرين، فلكى تتعاطف مع شخص ما لا بد أن تلاحظ أنه يعانى من وجود مشكلة ما في حياته تجعله يعيش حياة صعبة او غير مستقرة، وانت عندما تشعر بهذه المعاناة التي يعانيها ذلك الشخص من الوارد جدا أن تستجيب لشعوره وتتفاعل معه اى تتعاطف مع شعوره بالألم، وعندما تشعر بالتعاطف، تنتابك مشاعر الاهتمام والرغبة في مساعدة الشخص المعني بطريقة ما، بالاضافة الى ذلك، يعنى التعاطف أيضا أن تكون شخصاً  متفهماً ولطيفاً مع كل من حولك مهما كانت طبقته او وظيفته او حالته الاجتماعية، وهو أن تعطى للآخرين العديد من الفرص بدل الحكم عليهم بتسرع وبقسوة.

أما التعاطف الذاتي فهو يشير الى أن تتصرف بنفس الطريقة السابقة اتجاه نفسك عندما تمر بوقت صعب، او عندما تفشل في شيء ما، فيتطلب التسامح مع الذات أو التعاطف الذاتي أن تقوم بمواساة نفسك والاهتمام بها، بدل تجاهل ألمك او استخدام الحدة في لوم نفسك أكثر من اللازم.
اذاً، ما الرابط بين هذا المفهوم للتعاطف الذاتي والتسامح مع الذات وعلاج الإدمان؟.. نتعرف على اجابة هذا السؤال من خلال المقالة… وكالعادة نرحب بأسئلتكم وتعليقاتكم حول الموضوع في نهاية المقالة، ولا تتردد في طلب المساعدة منا، فنحن هنا لتقديم المساعدة لك.

 

ما هو التعاطف الذاتي؟ 

تصف كريستين نيف، وهي باحثة وأستاذة مساعدة في جامعة تكساس في أوستن، الشفقة الذاتية على أنها "تمنح أنفسنا نفس اللطف والرعاية التي نمنحها لصديق جيد نحبه ونتعامل معه بلطف"، وهي تتضمن ثلاثة أجزاء، وهي اللطف الذاتي مقابل الحكم الذاتي؛ الإجتماعية مقابل العزلة؛ التفكير بتأني مقابل الإفراط في لوم الذات، أما بالنسبة إلى الأشخاص المصابين بالإدمان، فيجب أن يستبدلوا عبارة  "أنا مدمن لا قيمة لي" و "أنا شخص جيد مصاب بمرض خطير يجب أن يسعى للتعافي منه".

 

فوائد التسامح والتعاطف الذاتي للأشخاص الذين يعانون من الإدمان:

يخدم شعورك بالتعاطف مع ذاتك والتسامح معها عدة اغراض، يمكن أن تساهم هذه الأغراض بشكل مباشر في علاج الإدمان، ومن بين هذه الاغراض ما يلي:

  • شعورك بالتعاطف الذاتي يحميك من العزلة والابتعاد عن المجتمع، ويجعلك تستمتع بقضاء وقت ممتع مع العائلة والأصدقاء وغيرهم، ويقضى ذلك على الشعور بالوحدة والملل، ويشجعني على أن نصبح نصل الى افضل  نسخة من أنفسنا.
  • ان التسامح الذاتي يجعلك أكثر قدرة على تحمل المسؤولية الشخصية والتعلم من الأخطاء التي ارتكبتها من قبل.
  • غير أن التسامح مع الذات يحفزك على خوض رحلة العلاج من الإدمان، حيث ان التعاطف الذاتي يجعلك تتخلص من وصمة العار والخجل المرتبطة بالإدمان، من خلال ذلك يتم تحفيز المدمن وتشجيعه للحصول على مساعدة لعلاج الإدمان.
  • إن التعاطف الذاتي يقلل من الرغبة الشديدة في العودة الى المخدرات مرة اخرى.
  • تشير الأبحاث إلى أن التعاطف الذاتي يقلل من الاكتئاب والقلق والتوتر - وهي المشكلات التي تغذي تعاطي المخدرات. كما تم ربطه بزيادة السعادة والرضا في الحياة.
  • يساعد التعاطف الذاتي على إتمام العلاج من الإدمان في وقت قصير، حيث انه يعطى قوة وشجاعة للمدمن وإرادة قوية ليستطيع مواصلة رحلة العلاج من الإدمان بشكل جيد.

 

3 نصائح هامة حول التعاطف الذاتي:

يخشى بعض الناس من أن يجعلهم مفهوم التعاطف الذاتي لينيين وبعيدين عن الطريق المستقيم، ولكن العكس هو الصحيح، لأن التعاطف الذاتي يساعدك على السير على الطريق الصحيح بنفس مطمئنة وهادئة.
فيما يلي بعض الأشياء التي حددها الباحثون حول التعاطف الذاتي:

 

1. الرحمة لا التساهل والتهاون مع الذات:

قد يشعر بعض المتعافين من الإدمان بالقلق من أن التعاطف الذاتي من الممكن ان يقودهم الى استخدام المخدرات مرة أخرى مع وجود كثير من المبررات، حيث انه يعتقد بعض الناس أن التعاطف الذاتي يعني أن نسمح لأنفسنا بتعاطى المخدرات بسبب وجود الرغبة الشديدة لدينا في ذلك، ولكن هذا يسمى التساهل مع الذات، وليس التعاطف الذاتي، فعندما تكون متساهلاً مع نفسك وتفعل كل ما ترغب به فأنت لست على الطريق الصحيح، وستذهب ذاتك الى المهالك بسبب هذا السلوك.

 

2. التعاطف واحترام الذات:

يجب أن تتعلم الثقة في النفس لمواجهة اشد الامور واصعبها، يحث مفهوم التعاطف الذاتي على بناء الثقة في النفس واحترامها في أوقات النجاح والفشل ايضا، ومن الممكن أن تتعجب من ذلك الأمر وتقول" كيف يمكنني ان احترم ذاتي في أوقات الفشل؟"، يقول خبراء علم النفس إن احترام الذات وقت الهزيمة يكون ببذل الجهد لتشجيعها وتنميتها لتقف بصمود وتتحمل العواقب وتسعى للنجاح بشكل مستمر.

 

3. التراحم الذاتي مقابل التمركز والانطواء على الذات:

كونك تركّز على نفسك أو تشعر بالأسف لنفسك يجعل المعاناة أسوأ ويهدد نجاح علاج الإدمان، فبدلاً من ذلك، يشمل مفهوم التعاطف الذاتي الانفتاح على تجارب الآخرين لإظهار لذاتك أنك لست وحدك وأنك تستطيع التعامل مع المشكلات بشكل سليم.

 

أهمية التركيز على الايجابيات في علاج الإدمان:

يتطلب مفهوم التعاطف الذاتي أيضا عدم التركيز على السلبيات الموجودة في نفسك، وعدم إجبار نفسك على أي شيء، لأن ذلك ينعكس بالسلب على حل المشكلة التي تعانى منها، ويجعلك تكره ذاتك وتبتعد عن الطريق السليم.

لذلك عليك دائما ان تقوم باستخدام العبارات الإيجابية عند التعبير عن ذاتك، ومن الممكن أن تكون هذه هي أفضل طريقة لمحاربة الكلام السلبي الذي يتردد في النفس.

تذكر دائماً، أنه يمكنك محاولة تغيير نفسك بطرق تسمح لك بأن تكون أكثر صحة وسعادة في الحياة، وحاول تذكير نفسك في كل خطوة بانك تقوم بتغيير نفسك فقط لأنك تهتم بها وتحبها، وليس لأنك غير مقبول او غير مستحق، النقطة الأهم، أن التعاطف مع الذات يشمل أحترام انسانيتك وتقبل سلبياتها وايجابياتها كلها، ومن الوارد جدا أن  تخطئ و تصطدم بقيودك اثناء محاولتك للتغيير وتحقيق ما تريد. ولكن اعلم ان هذه هي حقيقة كل البشر، ويجب عليك ان تتقبل بشريتك كما هي.

 

أولوية التعافي من الإدمان:

جزء من التعاطف الذاتي أن تعطي لصحتك الأولوية في كل شيء، ومن هنا عليك أن تجعل من التعافي من الإدمان شرطًا  للحياة الطبيعية التي تتسم بالهدوء والراحة والاستقرار، فلا تتهاون في صحتك، لان من حق ذاتك أن تعيش صحيحة معافاة.

اترك رد